القواعد التكوينية

القواعد التكوينية


حينما نتكلم اليوم عن القواعد التكوينية (De composition)، فإننا نستحضر أكاديميات الفنون الجميلة الغابرة  للقرن التاسع عشر. وفي الحقيقة، يمكننا أن نحقق صورا جميلة بامتثالنا لبعض القواعد الثابتة، و المبادئ التي قادت الأجيال من قبلنا. لكن الصور المحققة قد تفقد هويتها وخصوصيتها. ومع ذلك، فإن هذه المبادئ تبقى دائما صالحة، ويمكن للصورة الكلاسيكية أن تكون حاملة لرسالة فريدة.
     التكوين (composition) في الصورة هو الطريقة التي تموضعت بها وجمعت العناصر المكونة لها. ويرتكز على وجود العامل المشترك لهذه العناصر، كاللون والشكل والخطوط والإضاءة والظل.  
       إن المشهد الذي نعاينه من خلال منظار الآلة الفوتوغرافية (Viseur)، سيفسر من طرف الآخرين، وبالتالي ينبغي أن ننظم عناصر المشهد لكي يكون التكوين منسجما مع الهدف المراد تحقيقه، سواء أكان هذا الهدف هو إعطاء الانطباع بجو من السكينة والهدوء، أو ترجمة مشهد ما بطريقة غير منتظرة؛ أو غير ذلك.
      يقضي التكوين الكلاسيكي عموما، بوجود مركز واحد قوي مثير للانتباه:  فهو يجلب الأنظار لاعتبارات عدة: مكان تموضعه في المشهد، قيمته نسبة إلى العناصر الأخرى التي تعتبر تابعة له، التباين في الألوان أو الشدة نسبة للعناصر التي تؤطره؛ فالعين توجه في البداية نحو هذا المركز المثير، وبعد ذلك تتفرغ لمعاينة العناصر الأخرى الثانوية ذات الإشارات الأقل قيمة.

    وقبل كل شيء، ينبغي للصورة التكوينية الكلاسيكية أن يكون لها تناسق مقبول؛ ينبغي أن تحترم التوازن بين الضوء والظل، بين كتل الأحجام والمجالات الفارغة، ثم بين الألوان الحادة والألوان الهادئة. وحسب طبيعة الموضوع المصور (Sujet)، فإن التكوين يكون أحيانا متماثلا (Symétrique)تماما. لكن وفي كثير من الأحيان، تكون الصورة أكثر ديناميكية وأكثر أهمية حينما لا نضع العنصر الرئيسي في المركز. وبالنسبة لصور المناظر الطبيعية، ينبغي عموما أن نتجنب وضع خط الأفق في وسط، الصورة، لأن العين تتيه بين قطبين متعاكسين.

   لكن يمكننا أن نذهب أبعد من ذلك، ونهمل اختياريا كل القواعد التكوينية التقليدية ونخرقها، ومع ذلك نحقق صورا ذات تأثير رائع. يمكننا ذلك بالمبالغة في العلاقة بين مكونات المشهد كالأبعاد واللون والمسافات (تشوه الأبعاد بعدسة كبيرة الزاوية). نحقق ذلك بالتركيز على اختلافها و تعميق الفرق بينها. لخرق هذه القواعد الكلاسيكية يمكننا أيضا تغيير تأطير الموضوع (Cadrage)، للتركيز على إحدى الجزئيات الغير مألوفة، أو التقاط الموضوع خلال الحركة على سبيل المثال.   
    في نهاية المطاف فإن المهم في الصورة التكوينية، هو تأثيرها البصري، وقدرتها على تمرير الإحساس الذي أراد المصور التعبير عنه من خلال الصورة. 
  إعداد وتصرف:ذ مفكر أحمد



Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

الطبيعة الصامتة Nature morte

عمق الميدان Profondeur de champ

التصوير في اليوم الغائم