Saint Merry

 Saint Merry


   سان ميري...ترددت كثيرا قبل أن أدخل إليها؛ قلت في نفسي:" لا شك أن التصوير ممنوع داخل الكنيسة". استجمعت أنفاسي. سأتحلى بالشجاعة هذه المرة. وحتى إن منعت من التصوير داخلها، سأنصرف في أدب. قد تكون فرصة لا تعوض. نعم سأدخل بالتأكيد. كيف سأنصرف وكلي شوق لأعاين بأم عيني؛.  آه ! فضاؤها المهاب، ذو الإنارة الضعيفة التي يتخللها صمت وجداني باعث على الهدوء والاسترسال. ثم النوافذ العملاقة ذات الزجاجيات  Vitraux الناطقة بقوة اللون وسحر التباين Contraste. ثم الحزمة الضوئية المتسللة من النوافذ العالية، المقتحمة لذاك الفضاء؛ تتخللها حبيبات الغبار الرقاص، وكأنها منبعثة من السماء، لتكسر الصمت المهيمن، وتشد إليها العيون...


" Bonjour Madame". نعم لقد دخلت الكنيسة. استقبلتني سيدة حسنة الهندام. استقبلتني وهي تبتسم، وردت على التحية بأحسن منها. قلت لها:

" سيدتي ! هل يمكنني أن ألتقط صورا داخل الكنيسة؟" أجابتني:

 "نعم سيدي.يمكنك ذلك ومرحبا !"

  كانت دهشتي كبيرة. وتحولت حيرتي إلى راحة تليق بالمكان. وأكثر من ذلك، قدمت لي كتيبا يحكي تاريخ الكنيسة ومعالمها وشيئا آخر من الروحانيات. قدمت ذلك وعيناها تتألقان بنور الرضا  ولسانها يسبح بالحمد. 


  وما هي إلا ثوان، حتى كنت أسبح في الفضاء، باحثا عن الزجاجيات، والنوافذ، والحزمة الضوئية المشبعة بالجزيئات...التقطت صورا وصورا. كانت الآلة الفوتوغرافية مدمجة Compact لا تسمح بإمكانات كثيرة، لا بتغيير الصيغة Option ولا الأولويات priorités، لكنها كانت تفي بالغرض. كانت الإضاءة ضعيفة. تذكرت "المتكأ"  أو الدعامة التي يجب أن نستند إليها لمنع الآلة من الحركة.
كانت الكنيسة فارغة تماما، باستثناء شخص جلس في الصف الأمامي. كان هائما، صاعدا بجوارحه إلى السماء. يلتمس النور. يلتمس السكينة. يمسح غبار الدنيا العابرة.
  غادرت الكنيسة ثم تابعت جولتي بباريس، وأنا متشوق لما حصدته عدستي في " سان ميري".

إعداد: ذ. مفكر أحمد
لا يسمح بالاقتباس أو التحميل
شكرا على الزيارة والتعليق 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

عمق الميدان Profondeur de champ

الطبيعة الصامتة Nature morte

التصوير في اليوم الغائم